للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى اللهِ» (١)، وهذا عامٌّ، فإذا وُجِدَ مسجدان: أحدُهما أكثرُ جماعة مِن الآخرِ، فالأفضلُ أن تُصلِّيَ في الذي هو أكثر جماعة.

قوله: «ثم المسجد العتيق».

المسجد العتيق: أي القديم أولى مِن الجديد، لأن الطَّاعةَ فيه أقدم فكان أَولى بالمراعاة مِن الجديد، مثال ذلك: إذا صار عندك مسجدان يتساويان في الجماعة، لكن أحدُهما جديد، والثاني عتيق، فالأفضل العتيق، وهذا الفضل باعتبار المكان.

وعللوا: بأن الطاعة فيه أقدم.

قوله: «وأبعد أولى من أقرب» يعني: إذا استوى المسجدان فيما سبق، وكان أحدُهما أبعد عن مكان الرجل فالأبعد أَولى مِن الأقربِ، مثاله إذا كان حولك مسجدان، أحدُهما أبعدُ مِن الثاني، فالأفضلُ الأبعدُ؛ لأنَّ كلَّ خطوةٍ تخطوها إلى الصَّلاة يُرفعُ لك بها درجةٌ، ويُحطُّ بها عنك خطيئةٌ، إذا أسبغت الوضوء وخرجت من البيت لا يخرجك إلا الصلاة، وكلما بَعُدَ المكانُ ازدادت الخُطا فيزداد الأجر، هذا ما قرره المؤلِّفُ.

ولكن في النَّفس مِن هذا شيء، والصَّواب أن يقال: إن الأفضلَ أنْ تُصلِّيَ فيما حولك مِن المساجد؛ لأنَّ هذا سببٌ لعِمارتهِ إلا أن يمتاز أحدُ المساجدِ بخاصِّيَّةٍ فيه فيُقدَّم، مثل: لو كنتَ في المدينة، أو كنت في مكَّة، فإنَّ الأفضلَ أن تصلِّيَ في


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ١٤٠)؛ وأبو داود، كتاب الصلاة، باب في فضل صلاة الجماعة (٥٥٤)؛ والنسائي، كتاب الإمامة، باب الجماعة إذا كانوا اثنين (٢/ ١٠٤)؛ والحاكم (١/ ٢٤٧) وصححه؛ وقال ابن حجر: «صححه ابن السكن، والعقيلي، والحاكم». «التلخيص الحبير» (٥٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>