صفوف اللبن مهمة جداً، ولهذا تجد الناس الحذاق يجعلون خيطاً يقيسون عليه لئلا يختلف اللبن بتقدم أو تأخر.
على كل حال من علم بالجعل في أثناء العمل يعطى قسط تمامه، لكن هل هو بالأجزاء أو بالقيمة؟ بالقيمة؛ لأننا لو قلنا بالأجزاء لكان في المثال الذي ذكرنا يستحق أربعمائة، وليس كذلك.
قوله:«فسخها» أي: الجعالة؛ لأن الجعالة ليست عقداً لازماً، فلو فرض أن الرجل قال: من رد بعيري فله مائة ريال، وبعد يومين رجع وقال: يا أيها الناس إني قد فسخت الجعالة، فله ذلك، ومن عمل بعد أن علم بفسخها فلا حق له؛ لأن الجعالة عقد جائز.
وكل عقد جائز من الطرفين فإن لكل منهما فسخه إلا إذا قصد الإضرار بالآخر؛ لأن جميع المباحات من عقود وأفعال إذا تضمنت ضرراً على الآخرين صارت ممنوعة، فلو تضمن ضرراً على الآخر فإنه لا يجوز أن يفسخ، فإن فسخ الجاعل للإضرار فللعامل أجرة ما عمل.
ولكن هل تكون الأجرة منسوبة إلى الأجرة العامة، أو منسوبة إلى الجُعل الذي جعل له؟ هذا محل نظر.
وصورة ذلك: إنسان جاعل شخصاً على أن يقوم بتصريف هذه السلعة، وفي أثناء العمل وَقَّفه، وكان إيقافه إياه في أيام تضر بالعامل، ففي هذه الحال نقول على ما اشترطنا ألا يتضمن ضرراً: إنه لو فسخ فإنه لا يحل له.