مثالٌ ثَالِثٌ: رَجُلٌ ربط حبلاً بحجرٍ كبيرٍ متلوِّثٍ بالنَّجاسة، وربط الحبلَ بيده، أو على بطنه؛ فصلاتُه صحيحة؛ لأن الحجر الكبير لا ينجرُّ بمشيه.
مثال رابع: رَجُلٌ ربط حبلاً بحجرٍ صغير متنجِّس، وربط الحبل بيده أو على بطنه، فلا تصحُّ صلاتُه؛ لأنَّه ينجرُّ بمشيه فهو مُسْتَتْبَعٌ له، فيكون كالحامل للنَّجاسة. وهذا قد يُلغَزُ به فيُقالُ: رَجُل اتَّصلَ بنجاسةٍ كبيرة عظيمة، وقلنا: إنَّ صلاتَه صحيحة، ورَجُل اتَّصلَ بنجاسة صغيرة قليلة وقلنا: إنَّ صلاتَه باطلة.
وهذا ما ذهب إليه المؤلِّفُ ﵀.
والصَّحيحُ: أنَّها لا تبطلُ الصَّلاة في كلتا الصُّورتين؛ لأنَّ النَّجاسة هنا لم يُبَاشِرها ثوبه الذي هو سُتْرَةُ صلاته، ولا بُقعة صلاته، ولا بدنه، والحاجة تدعو إلى ذلك، ولا سيَّما في الزَّمن السَّابق، فقد يكون الإنسان في البَرِّ ومعه كلبٌ صغير؛ يَخشى إن أطلقه أن يهربَ ولا يجيء، وليس حوله شجرة يربطه بها؛ فأمسكه بيده وصَلَّى، فما الذي يُبطِلُ صلاتَه؟!
وقولهم: إنه مُسْتَتْبَعٌ للنَّجَاسة، نقول: لكنَّها منفصلةٌ عنه في الواقع، وبينه وبينها فاصل؛ وهو هذا الحبل.
قوله:«وَمَنْ رَأَى عَلَيه نَجَاسَةً بَعْدَ صَلَاتِهِ، وَجَهِلَ كَوْنَهَا فيها لَمْ يُعدْ، وإنْ عَلِمَ أنَّهَا كَانَتْ فِيهَا، لَكِنْ نَسِيهَا أَوْ جَهِلها أَعَادَ»، المراد بالنَّجاسة ما لا يُعفى عنه من النجاسات؛ لأنَّ ما يُعفى عنه لا يضرُّ وجوده.