للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صواب، وأنهما مخطئان فلا يرجع إلى قولهما، لأنه لو رَجَعَ إلى قولهما لَرَجَعَ وهو يعلم أن قولَهُما خطأ، فتبطل صلاتُهُ.

مسألة: إذا سبَّحَ به مجهولان؟ فلا يرجع إلى قولهما؛ لأنه لم يثبت كونهما ثقتين، ولكن الحقيقة أن الإِمام يقع في مثل هذا الحرج؛ لأنه يسمع التسبيح مِنْ ورائه ولا يدري مَن المسبِّح، قد يكون ثقة وقد لا يكون ثقة، لكن الغالب أن الإِمام في هذه الحال يكون عنده شَكٌّ، ويترجَّح عنده أن اللذين سَبَّحَا به على صواب. وحينئذ له أن يرجع إلى قولهما؛ لأن القول الراجح أنه يبني على غَلَبة الظَّنِّ.

مسألة: فلو نَبَّهه امرأتان بالتصفيق، كأن صَلَّى رَجُلٌ بأُمِّه وأخته، وأخطأ، فنبهتاه بالتصفيق، فهل يرجع أم لا؟

فالجواب: يرجع؛ لقول النبيِّ : «إذا نَابَكم أَمْرٌ ـ يعني: في الصَّلاة ـ فليسبّح الرِّجَال، ولتصفق النساء» (١)، ولأن هذا خَبَرٌ ديني، فاستوى فيه الذكور والإِناث، ولأنه خَبَرٌ عن عَمَلٍ تُشارِكان فيه العاملَ، فلا يمكن أن تكذبا عليه، لأنه لو أخطأ أخطأتا معه، فلهذا نقول: إن المرأتين كالرَّجُلين.

وَصَلَاةُ مَنْ تَبِعَهُ عَالِماً لَا جَاهِلاً أَوْ نَاسِياً، وَلَا مَنْ فَارَقَهُ. ........

قوله: «وصلاة من تبعه عالماً لا جاهلاً أو ناسياً، ولا من فارقه».

يعني: إذا سَبَّحَ بالإمام ثقتان، ولم يرجعْ، وهو لم يجزم بصواب نفسِه؛ بطلت صلاتُهُ؛ لتركه الواجب عليه من الرُّجوع.


(١) تقدم تخريجه ص (٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>