للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفَسَّرْناها بهذا التفسير؛ لأن «إله» فِعَال بمعنى مفعول، والمألوه: هو المعبود حُبًّا وتعظيماً وخبر «لا» محذوف والتقدير: لا إله حَقٌّ إلا الله، و «الله» بدل مِن الخبر المحذوف، ومعنى هذه الجملة العظيمة: أنه لا معبود حقٌّ سوى الله ﷿، أما المعبود بغير حقٍّ فليس بإله حقاً وإنْ سُمِّيَ إلهاً، ولهذا قال الله ﷿: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ﴾ [لقمان: ٣٠]، وفي الآية الأخرى: ﴿وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ﴾ [الحج: ٦٢]، ولا بطلان أعظم مِن بطلانه، وقال الله تعالى يخاطب الذين يعبدون مِن دون الله: ﴿إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [النجم: ٢٣]، وليست حقائق بل هي مجرَّد أسماء.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».

قوله: «وأشهد أن محمداً عبده ورسوله»، سبق معنى «أشهد».

وأما «محمد» فهو محمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، بَعَثَهُ اللَّهُ ﷿ بمكَّة أمِّ القرى، وأحبِّ البلاد إلى الله، وهاجر إلى المدينة، وتُوفِّي فيها .

قوله: «عبده» أي: العابد له، وليس لرسول الله شَرِكَةٌ في مِلْكِ الله أبداً، وهو بَشَرٌ مثلُنا تميَّز عنا بالوحي، وبما جَبَلَه الله عليه مِن العبادة والأخلاق العظيمة. قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [الكهف: ١١٠]، وقال اللَّهُ تعالى: ﴿﴾ [القلم: ٤].

قال النَّبيُّ : «إنَّما أنا بَشَرٌ مثلُكم، أنسَى كما تَنْسَون» (١)


(١) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان (٤٠١)؛ ومسلم، كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة (٥٧٢) (٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>