الناحية العملية لو قال المقر له: أنا متأكد أنه دينار، فالورع في هذا الباب أن يدفع له ديناراً؛ لأنه هو شاكٌّ وصاحبه متيقن، لا سيما إذا كان المقر له رجلاً صدوقاً ثقة وأميناً، فإنه يتأكد عليه حينئذ أن يدفع إليه الدينار.
قوله:«وإن قَالَ: لَهُ عَلَيَّ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ، أَوْ سِكِّينٌ فِي قِرَابٍ، أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ ونَحْوُه فهُوَ مُقِرٌّ بِالأَوَّلِ» إذا قال: له علي تمر في جراب، والجراب وعاء يجعل فيه التمر، فهل هو مقر بالجراب، أو بالتمر وحده أو بهما جميعاً؟ يقول: بالأول أي: بالتمر، فإذا قال: له علي تمر في جراب، قلنا: ما عليك إلا التمر، ثم عيِّن التمر كثيراً أو قليلاً؛ لأنه كثيراً ما تجري العادة بأن يأتي الإنسان بتمر من شخص يسرقه أو يأخذه خطأ أو ما أشبه ذلك، ويضعه في جراب عنده، هو مالكه.
أو «سكين في قراب» يلزمه السكين فقط، أما القراب فلا؛ لأنه ربما يأخذ سكين شخص خطأ، أو سرقة، أو غصباً ثم يضعها في قراب عنده، وهذا كثير، فهو لا يقر إلا بالأول، بخلاف ما لو قال: سيف في قراب، فإنه مُقِرٌّ بهما جميعاً، والفرق أن القراب ملازم للسيف غالباً أو دائماً ولا تكاد تجد سيفاً صلتاً، لكن السكين غالباً أنه في غير قراب، مثل ما لو قال: سكين في كرتون، لا يدخل الكرتون، أو سكين في صندوق، فما يدخل الصندوق، إذن هناك فرق بين الملازم وغير الملازم.