نرجع للوصية، وننظر إن استغرقت أكثر من الثلث الباقي بعد الدين لم ينفذ منها إلا الثلث، فإذا قدَّرنا أن رجلاً عنده أربعون ألفاً وعليه عشرة آلاف دين، وقد أوصى بالثلث، فإننا نجعل الوصية في هذه المسألة عشرة آلاف، ولو أننا اعتبرنا الوصية قبل الدين لكانت ثلاثة عشر ألفاً وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثاً، لكننا لا نعتبر الوصية إلا بعد قضاء الدين، فنخرج أولاً الدين ثم ننظر إلى ثلث الباقي وننفذ منه الوصية، ولهذا قال:«من كل ماله بعد موته وإن لم يوصِ به»، يعني وإن لم يوصِ الميت المدين بقضائه؛ لأنه حق واجب عليه، وسبق لنا أنه إذا كان هذا الدين ليس به بيِّنة فإنه يجب عليه أن يوصي به.
قوله:«أدوا الواجب من ثلثي بُدئ به، فإن بقي منه شيء أخذه صاحب التبرع، وإلا سقط»، «الواجب» أي: الحج، أو الكفارة، أو الدَّين، فإننا نفصل الثلث عن التركة ونبدأ به، فنخرج الدين من الثلث، فإما أن يزيد الدين على الثلث، وإما أن ينقص، وإما أن يساوي، فإن ساوى فالأمر واضح، فلو قال: أدوا الواجب من ثلثي، ولما مات وفرزنا التركة وجدنا أن الثلث عشرة آلاف، وأن الدين عشرة آلاف، فإننا نخرج الثلث ولا يكون له وصية؛ لأنه أوصى أن يُقضى الدين من الثلث وقد أديناه.
الصورة الثانية: النقص، لما فرزنا التركة وجدنا أن الثلث سبعة آلاف والدين عشرة آلاف، فنوفي الواجب سبعة آلاف ونأخذ الثلاثة الباقية من التركة.