قوله:«الثالث: الولي»، أي: الثالث من شروط النكاح الولي، يعني أن النكاح لا ينعقد إلا بولي، والدليل على ذلك القرآن والسنة، والنظر الصحيح.
أما القرآن فقوله تعالى: ﴿وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا﴾، [البقرة: ٢٢٠]، وقوله: ﴿وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢]. «وأنكح» فعل متعدٍ يتعدى إلى الغير، والخطاب للأولياء فدل هذا على أن النكاح راجع إليهم، ولذلك خوطبوا به، فيكون هذا دليلاً على أن المرأة لا يمكن أن تزوج نفسها، بل لا بد من أن ينكحها غيرها، وقوله تعالى: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٢]، ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ أي: لا تمنعوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف، ووجه الدلالة من الآية أنه لو لم يكن الولي شرطاً لكان عضله لا أثر له.
وفي قوله تعالى: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ دليل على أنه لا فرق في اشتراط الولي بين الثيب والبكر؛ لأن قوله: ﴿أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ دليل على أنهن قد تزوجن من قبل، وعلى هذا فنقول: إن الآية دلالتها صريحة على أن الولي شرط في النكاح، سواء في البكر أو في الثيب.
أما السنة فقوله ﷺ:«لا نكاح إلا بولي»(١)، و «لا» نافية
(١) أخرجه أحمد (٤/ ٣٩٤)؛ وأبو داود في النكاح/ باب في الولي (٢٠٨٥)؛ والترمذي في النكاح/ باب ما جاء لا نكاح إلا بولي (١١٠١)؛ وابن ماجه في النكاح/ باب لا نكاح إلا بولي (١٨٨١) عن أبي موسى ﵁، وصححه في الإرواء (١٨٣٩).