للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ وَقَعَ الطَّاعُونُ بِبَلَدِهِ، وَمَنْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ، لَا يَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ لِوَارِثٍ بِشَيْءٍ وَلَا بِمَا فَوْقَ الثُّلُثِ إِلاَّ بِإِجَازَةِ الوَرَثَةِ لَهَا إِنْ مَاتَ مِنْهُ، وَإِنْ عُوفِيَ فَكَصَحِيحٍ.

قوله: «ومن وقع الطاعون ببلده»، أي: فهو كالمريض مرضاً مخوفاً؛ لأنه يتوقع الموت بين لحظة وأخرى، فإن الطاعون ـ أجارنا الله والمسلمين منه ـ إذا وقع في أرض انتشر بسرعة، لكن مع ذلك قد ينجو منه من شاء الله نجاته، إنما الأصل فيه أنه ينتشر، فكل إنسان في البلد التي وقع فيها الطاعون يتوقع أن يصاب به بين عشية وضحاها، فلا فرق بينه وبين من أصابه المرض، في اليأس من الحياة، فعطاياه في حكم عطايا المريض مرضاً مخوفاً.

والطاعون قيل: إنه نوع معين من المرض يؤدي إلى الهلاك، وقيل: إن الطاعون كل مرض فتاك منتشر، مثل الكوليرا، فالمعروف أنها إذا وقعت في أرض فإنها تنتشر بسرعة، والحمى الشوكية، وغيرها من الأمراض التي يعرفها الأطباء ونجهل كثيراً منها، فهذه الأمراض التي تنتشر بسرعة وتؤدي إلى الهلاك يصح أن نقول: إنها طاعون حقيقة أو حكماً، ولكن الظاهر من السنة خلاف ذلك؛ لأن الرسول عَدَّ الشهداء فقال: «المطعون والمبطون» (١)، وهذا يدل على أن من أصيب بداء البطن غير من أصيب بالطاعون، والمبطون هو الذي انطلق بطنه، فالمهم أن عطايا الصحيح الذي وقع الطاعون في بلده من الثلث.

وبالنسبة للطاعون هل يجوز للإنسان أن يخرج من البلد إذا وقع فيه؟ قال النبي : «لا تخرجوا منه ـ أي من البلد الذي وقع


(١) أخرجه البخاري في الجهاد والسير/ باب الشهادة سبع سوى القتل (٢٨٢٩)؛ ومسلم في الإمارة/ باب بيان الشهداء (١٩١٤) عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>