للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه ـ فراراً منه» (١)، فقيد النبي Object منع الخروج بما إذا كان فراراً، أما إذا كان الإنسان أتى إلى هذا البلد لغرض أو لتجارة وانتهت، وأراد أن يرجع إلى بلده فلا نقول: هذا حرام عليك، بل نقول: لك أن تذهب.

بقي علينا أن نقول: هل نأذن له أن يذهب إذا خيف أن الوباء أصابه؟ الجواب: لا نأذن له بل نمنعه، حتى إن بعض الأطباء ظن إن قول الرسول Object: «إذا وقع في أرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها»؛ أن هذا من باب الحَجْر الصحي، وقال: إن مراد الرسول Object أن لا يخرج الناس من هذه الأرض الموبوءة كحَجْرٍ صحي، ولكن هذا غير صحيح؛ لأن النبي Object راعى ما هو أعم وأهم وهو الفرار من قدر الله، قال: «لا تخرجوا منها فراراً منه».

وإذا سمع الإنسان أنه وقع في أرض، فهل يجوز أن يقدم عليها؟ لا؛ لأن النبي Object قال: «إذا سمعتم به في أرض فلا تقدموا عليها»؛ لأن هذا من باب الإلقاء بالتهلكة، ومن باب قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء: ٢٩]، كيف تقدم على بلد وقع فيه الطاعون؟! ما مثلك إلا مثل من أقدم على النار ليقتحم فيها.

فإن قال: أليس يمكن أن يَسْلَمَ الإنسان وهو في بلد الطاعون؟ قلنا: بلى، لكن الأصل الإصابة فلا يجوز أن تقدم.


(١) أخرجه البخاري في الطب/ باب ما يذكر في الطاعون (٥٧٢٩)؛ ومسلم في الطب/ باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها (٢٢١٩) عن عبد الرحمن بن عوف Object.

<<  <  ج: ص:  >  >>