للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ارتحل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى الشام، وفي أثناء الطريق قيل له: إنه قد وقع فيها الطاعون، وهو طاعون عظيم مات فيه خلق كثير، وعمر ليس عنده أثر عن النبي في ذلك، لكنه عنده عقل، فكأنه قال: كيف نقدم على أرض فيها هذا الوباء المعدي الفتاك؟! وكان من عادته أنه إذا أشكل عليه الأمر يجمع الصحابة ويستشيرهم، فجمع الصحابة واختلفوا، ثم جمع المهاجرين الأولين ثم الأنصار فاختلفوا عليه جميعاً، ثم دعا من كان عنده من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، وكان الرأي الذي استقروا عليه أن يرجعوا، فقرر الرجوع بمشورة الصحابة ، وأمر بالارتحال، فجاءه أبو عبيدة عامر بن الجراح الذي قال فيه الرسول : «إنه أمين هذه الأمة» (١)، وقال فيه عمر حين طُعِن: لو كان أبو عبيدة حياً لجعلته خليفة (٢)؛ لأن الرسول قال: «هو أمين هذه الأمة»، فقال: يا أمير المؤمنين كيف تقرر الرحيل، أفراراً من قدر الله؟! خفي على أبي عبيدة أن القدر لم يقع حتى نفر منه، لكن لو أقدموا لكانوا هم الذين جاؤوا للقدر، فقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة!! يعني أتمنى أن


(١) أخرجه البخاري في المغازي/ باب قصة أهل نجران (٤٣٨٠) عن حذيفة ، ومسلم في فضائل الصحابة/ باب من فضائل أبي عبيدة بن الجراح (٢٤١٩) عن أنس .
(٢) أخرجه أحمد (١/ ١٨) والحاكم (٣/ ٢٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>