غيرك قالها؛ لأن منزلة أبي عبيدة عند أمير المؤمنين عمر منزلة عالية، نحن نفر من قدر الله إلى قدر الله، من قدر الله الذي نلقي بأيدينا للتهلكة لو قدمنا عليه، إلى قدر الله الذي نسلم به، فهم إن مضوا إلى الشام فبقدر الله، وإن رجعوا فبقدر الله.
ثم ضرب له مثلاً: أن لو كان له إبل في وادٍ له عدوتان، واحدة مخصبة والأخرى مجدبة، فقال له: أما تذهب إلى المخصبة؟ قال: بلى، قال: إذاً إن ذهبت للمخصبة فبقدر الله، وإلى المجدبة فبقدر الله، لكن لن تختار المجدبة، إذاً نحن كذلك لا نختار القدوم على أرض الطاعون.
فرجعوا ـ والحمد لله ـ ووفقوا للصواب، وفي أثناء ذلك أتى عبد الرحمن بن عوف ﵁ وكان قد تغيب في حاجة له، فبلغه الخبر وجاء إلى عمر، وقال: يا أمير المؤمنين سمعت النبي ﷺ يقول: «إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تقدموا عليها، وإذا وقع في أرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها فراراً منه»، فقال الحمد لله (١)، فكل الصحابة ﵃ ما سمعوا هذا الحديث، إلا عبد الرحمن بن عوف ﵁، لكن ـ الحمد لله ـ الشريعة محفوظة، لا يمكن أن تخفى، كل ما صدر من الرسول ﷺ من شريعة الله فهو محفوظ، كما قال الله ﷿: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ *﴾ [الحجر]، إذاً إذا وقع الطاعون في أرض فإننا منهيون أن نخرج منها فراراً منه، وإذا وقع في أرض فإننا منهيون أن نقدم على هذه الأرض.