وقوله:«منذ أبانها» تحصل البينونة بكل فراق لا رجعة فيه، أو بتمام العدة في الطلاق الذي فيه رجعة، مثال ذلك: رجل طلق زوجته آخِرَ ثلاث تطليقات في آخر يوم من ذي الحجة، في عام ألف وأربعمائة، فبانت منه وولدت في يوم ثمانٍ وعشرين من ذي الحجة عام ألف وأربعمائة وأربعة، فيلحقه النسب لأنها ولدت دون أربع سنين منذ أبانها بيوم.
مثال آخر: رجل طلق زوجته في تسع وعشرين من ذي الحجة عام ألف وأربعمائة، وولدت في تسع وعشرين من محرم عام ألف وأربعمائة وخمسة، فينظر في الطلاق فإن كان بائناً، بأن كان آخر ثلاث تطليقات فالولد ليس له؛ لأنه فوق أربع سنين.
أما إذا كانت رجعية فمعروف أن الرجعية عدتها ثلاث حيض، أو تبقى ثلاثة أشهر حسب الحال، فالولد يلحقه؛ لأنها ما تَبِين بالطلاق الرجعي إلا إذا انتهت العدة، ثم تحسب مدة أربع السنوات.
قوله:«ولا يحكم ببلوغه إن شك فيه» كولد له عشر سنوات تزوج، وجامع الزوجة، وجاءت بولد فيكون له، لكن هل يحكم ببلوغه؟ لا يحكم ببلوغه إذا شككنا فيه، كأن تكون عانته ما نبتت، ولم يتم له خمس عشرة سنة، ونشك في إنزاله، فما ندري هل أنزل أو لا؟ فلا نحكم ببلوغه؛ لأن البلوغ يترتب عليه أحكام كثيرة، وإنما ألحقنا الولد به مع الشك احتياطاً للنسب، وحفظاً له من الضياع، فالشارع له تطلع وتشوُّف لثبوت النسب، فيلحق بأدنى شبهة، أما أن نلزمه بالواجبات، أو نجعل حكمه حكم البالغين مع الشك فلا، بل لا بد في البلوغ من اليقين.