الحُرُّ أَولى مِن ضِدِّه، وضِدُّ العبدُ الرَّقيقُ الذي يُباع ويُشترى، وإنَّما كان الحُرُّ أَولى مِن العبدِ؛ لأنَّ الحُرَّ غالباً أعْلمُ بالأحكامِ مِن العبدِ، ولأنَّ العبدَ مملوكٌ، فلا يُؤمنُ أن يطلبَه سيدُه في أيِّ ساعةٍ مِن ليلٍ أو نهارٍ بخلاف الحُرِّ، ولأنه إنْ كان العبدُ عبده فمرتبتُه أعلى مِن مرتبةِ العبدِ وهو سيدُه، فلا ينبغي أن يكون مأموماً له وهو أرفعُ منه.
وقوله:«وحاضر» المراد به الذي يسكن الحاضرةَ. وضِدُّه البدوي؛ لأنَّ البدوَ غالباً يكونون جُفاةً جُهَّالاً، كما قال الله تعالى: ﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ﴾ [التوبة: ٩٧].
وقوله:«ومقيم» يعني أن المقيم أَولى مِن المسافر، مثلاً: إنسانٌ في هذا البلدِ مقيمٌ لحاجةٍ فمرَّ مسافرٌ عابراً فتقول: المقيمُ أَولى مِن هذا العابرِ لأنَّ المقيمَ على المشهورِ مِن المذهبِ إذا نوى الإقامة أكثر مِن أربعة أيام لزمه أن يُتمَّ فكان بذلك أولى مِن المسافر الذي لا يتم وبناء على قوله: فالمقيم هنا ضد المسافر والمستوطن، فالناس ثلاثة أقسام: مستوطن ومسافر ومقيم، فالمستوطن أولى ثم المقيم.
وأيضاً: البصيرُ لو أَنَّ بعضَ أعضائِهِ في الوُضُوء لم يصبه الماءُ لعَلِمَ به بخلافِ الأعمى، فالبصير أَولى مِن الأعمى، وذلك بعد اتِّفاقِهما فيما سَبَقَ.