للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح أن المصالحة لا تكون إلا بعد نزاع، ولا تكون إلا لفض النزاع، وهنا لا نزاع في المسألة؛ لأنه إقرار وهبة، لكن يقال: ما دمنا عرفنا أن المقصود بالمصالحة هنا، الإسقاط في الدين، والهبة في العين، فإن الألفاظ قوالب في الواقع، والعبرة بالمعاني.

إذاً هذا يسمى الصلح على إقرار، وشرطه ألا يكون مشروطاً، ومن باب أولى ألا يمنعه حقه بدونه، فإن منعه حقه بدونه، قال: لا أقر لك إلا أن تسقط، فإنه لا يصح، وهذا معنى قولنا: ألا يكون شرطاً، والثاني: أن يكون ممن يصح تبرعه.

وَإِنْ وَضَعَ بَعْضَ الحَالِّ وَأجَّلَ بَاقِيَهُ صَحَّ الإسْقَاطُ فَقَطْ. وَإِنْ صَالَحَ عَنْ المُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالاًّ، أَوْ بِالعَكْسِ، ................

قوله: «وإن وضع بعض الحال وأجَّل باقيه صح الإسقاط فقط» أي: دون التأجيل.

مثال ذلك: إنسان عنده لشخص مائة درهم قد أقر بها، فقال له: أنا أريد أن تسقط عني خمسين درهماً وتؤجل الباقي، فقال: لا بأس أفعل، ففعل.

يقول المؤلف: يصح الإسقاط ولا يصح التأجيل، فيصح الإسقاط؛ لأنه أسقط عنه، فقال: وضعت عنك خمسين درهماً، وفي ذمتك خمسون درهماً، لكن التأجيل لا يصح؛ لأن الفقهاء عندهم قاعدة: وهي أن الحال لا يمكن أن يتأجل، ولا يقبل التأجيل، ولهذا مر علينا في القرض، أنه إذا استقرض شيئاً، وأجَّل وفاءه، فإنه لا يصح التأجيل ولا يلزم.

ولكن الصحيح في هذه المسألة، وفي مسألة القرض أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>