للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصح، فإذا قال: وضعت عنك خمسين درهماً وأجَّلت الخمسين، فإنه يجب أن يفي بوعده؛ لأن إخلافَ الوعدِ ـ ولا سيما في مثل هذه الأمور المالية التي قد يترتب عليها ضمان أو نقص ـ محرمٌ، والنبي ﷺ قال محذراً منه: «آية المنافق ثلاث ومنها إذا وعد أخلف» (١)، ويلزمه خمسون مؤجلة.

فالصواب أنه يصح الوضع، وأن الحال يتأجل بالتأجيل وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ لأنه عهد ووعد، وقد قال الله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ﴾ [الإسراء: ٣٤]، ولأن هذا الذي أجلته عليه ربما يبني على تأجيلك إياه تصرفاً لولا أنك أجلته لم يتصرفه، فإذا قلت: أعطني إياه الآن تضرر، ونظير ذلك جئت إلى رجل وقلت: أنا محتاج عشرة آلاف ريال، اشتري سيارة وليس عندي شيء أقرضنيها وأجلها إلى سنة، فقال: تفضل، فأخذتها واشتريت السيارة، فلما اشتريت السيارة، أتى إليَّ من الغد وقال: أعطني عشرة آلاف الريال، على المذهب له أن يطالبني؛ لأن القرض حال والحال لا يتأجل، فيترتب عليَّ من الضرر الكثير، ولا شك أن هذا حتى الفطرة السليمة لا تقبله، وأما على رأي شيخ الإسلام فإنه يتأجل لعموم: «المسلمون على شروطهم» (٢).

قوله: «وإن صالح عن المؤجل ببعضه حالاً» فإنه لا يصح.


(١) أخرجه البخاري في الإيمان/ باب علامة المنافق (٣٣)؛ ومسلم في الإيمان/ باب خصال المنافق (٥٨) عن أبي هريرة ﵁.
(٢) سبق تخريجه ص (١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>