للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثاله: رجل في ذمته لآخر مائة درهم مؤجلة إلى سنة، وفي أثناء السنة جاء الدائن للمدين، وقال: أعطني منها خمسين وأبرئك من الباقي، يقول المؤلف: «لم يصح»؛ لأن هذا يشبه الربا، حيث أخذ عن المائة خمسين.

والصواب أنه جائز، وأن الإنسان إذا أخذ البعض في المؤجل وأسقط الباقي فإن ذلك صحيح؛ لأن السنة وردت به في قصة إجلاء بني النضير من المدينة، حيث قال الرسول : «ضعوا وتعجلوا» (١)، ضعوا أي: أسقطوا، وتعجلوا أي: المؤجل؛ ولأن فيه مصلحة للطرفين، أما الطالب فمصلحته التعجيل، وأما المطلوب فمصلحته الإسقاط، ومن المعلوم أن الشريعة لا تأتي بمنع عقد فيه مصلحة للطرفين، وليس فيه غرر ولا جهالة، وأيضاً فإن الربا في هذا بعيد جداً؛ لأن المدين لم يطرأ على باله حين استدان أنه سوف يرده أنقص معجلاً، فمحظور الربا بعيد جداً، وهذا اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي .

لكن لو أجبر أحدهما الآخر على هذا الفعل فإنه لا يصح، أي: لو قال المطلوب للطالب: هذا نصف حقك أعجله لك، وأسقط عني الباقي، قال: لا، أنا أريد حقي كاملاً متى حلَّ، فإنه لا يجبره.

فإن أعطاه حقه كاملاً حالاً عن المؤجل فهل يجبره أو لا؟


(١) أخرجه الدارقطني (٣/ ٤٦)؛ والبيهقي (٦/ ٢٨) عن ابن عباس .
قال الدارقطني: «اضطرب في إسناده مسلم بن خالد وهو سيئ الحفظ ضعيف»، وضعفه ابن القطان، انظر: «بيان الوهم والإيهام» رقم (٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>