«عاد» يعني النقص «ببرئه» أي: ببرء المرض، مثال ذلك: غصب شاة، ثم مرضت الشاة فنقص لبنها، ثم شُفيت الشاة وعاد لبنها على طبيعته، فهل يضمنها أو لا؟ يقول المؤلف: لا يضمنها؛ لأن النقص الذي حصل عنده عاد ورجعت إلى حالها الأولى، لكن لو فُرِض أنه كان رده إياها حين مرضها فإنه يضمن، أما بعد أن شُفيت فإنه لا يضمن؛ لأنه عاد على ما كان عليه حين الغصب، ولهذا قال:«ولا بمرض عاد ببرئه» أي برء المرض، لكن ليعلم أن كل ما أخذه من لبن فإنه يضمنه؛ لأن المنافع مضمونة على الغاصب، والكلام الآن على ضمان الأعيان.
قوله:«وإن عاد بتعليم صنعة ضمن النقص»«إن عاد» يعني النقص لا ببرء المرض، ولكن بتعليم صنعة ضمن النقص؛ لأن عَوْدَه هنا ليس هو عود النقص الذي حصل.
مثاله: غصب عبداً ثم مرض العبد وهُزِل فهنا تنقص قيمته ولا شك، لكنه علَّمه صنعة ارتفعت بها قيمته، فلو كان هذا العبد يساوي قبل أن يمرض عشرة آلاف، وبعد أن مرض صار يساوي خمسة آلاف، ثم بعد ذلك تعلم صنعة فصار يساوي عشرة آلاف ـ فعاد الآن إلى القيمة الأولى ـ فهل يضمن نقصه؟ الجواب: نعم؛ لأن الغاصب ضامن النقص، والزيادة للمالك، فنقول: العبد يساوي وهو غير متعلم للصنعة نصف قيمته قبل أن ينقص، فيرد العبد ونصف قيمته؛ وما زاد بتعلم الصنعة فإنه للمالك.
وكذلك لو غصب عبداً كاتباً فنسي الكتابة لكنه تعلم صنعة الآلات الكهربائية ـ مثلاً ـ وصار ما نقصه بنسيان الكتابة مجبوراً