للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّه ما مِن أربع أصابع في السَّماء إلا وفيه مَلَكٌ قائمٌ لله، أو راكع، أو ساجد.

وقوله: «يُسَنُّ للقارئ» دليله أنَّ النَّبيَّ كان يسجد إذا مَرَّ بآية السَّجدة. وفِعْلُ الرَّسول الشيءَ على سبيل التَّعبُّد يقتضي سُنِّيَّته. ولهذا مِن قواعد أصول الفقه: أنَّ فِعْلَ الرسول الذي فَعَلَهُ على سبيل التَّعبُّد يكون للاستحباب لا للوجوب، إلا أنْ يُقْرَنَ بأمرٍ، أو يكون بياناً لأمر، أو ما أشبه ذلك مِن القرائن التي تدلُّ على الوجوب. أما مجرَّد الفِعْل فإنه للاستحباب.

فقد روى ابنُ عمر قال: «كان النَّبيُّ يقرأُ علينا السُّورةَ فيها السَّجدةُ، فيسجُدُ ونَسجُدُ معه؛ حتى ما يَجِدُ أحدُنا موضعاً لجبهتِهِ» (١) أي: أنهم يسجدون، ولقُربهم مِن النَّبيِّ يزدحِمون؛ لأن السَّاجد يشغل مكاناً أكثر مِن الجالس، حتى لا يجد أحدُهم مكاناً لجبهته يسجُدُ عليه. وهذا دليل استحبابه، وكذلك ما مَرَّ مِن أَثَرِ عُمرَ (٢).

والمُسْتَمِع دُونَ السَّامع ........

قوله: «والمستمع» دليله: حديثُ ابن عُمر وعن أبيه: حيث كانوا يسجدون مع رسول الله .

قوله: «دون السامع» أي: أنَّ السَّامع لا يُسَنُّ له أنْ يسجدَ، والفَرْقُ بين المستمع والسَّامع:

أنَّ المستمع: هو الذي يُنصِتُ للقارئ ويتابعه في الاستماع. والسَّامع: هو الذي يسمعُ الشَّيءَ دون أن يُنصِتَ إليه.


(١) تقدم تخريجه ص (٨٩).
(٢) تقدم تخريجه ص (٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>