للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى؛ لأنه ليس المراد أنِّي أُخبرُ بأن الله صلَّى؛ ولكنَّني أدعو الله ﷿ أن يُصلِّيَ، فهي بمعنى الدُّعاء، والدُّعاءُ إِنشاءٌ.

وقوله: «وسلَّم»، وهذه أيضاً جملةٌ خبريةٌ لفظاً، إِنشائيَّةٌ معنى، أي: أدعو الله تعالى بأن يُسَلِّمَ على محمَّدٍ ﷺ.

والسَّلامُ: هو السَّلامةُ من النقائص والآفات. فإِذا ضُمَّ السَّلامُ إلى الصَّلاةِ حَصَلَ به المطلوبُ، وزال به المرهوبُ، فَبالسَّلامِ يزولُ المرهوبُ وتنتفي النقائصُ، وبالصَّلاة يحصُلُ المطلوبُ وتَثْبُتُ الكمالاتُ.

على أفضلِ المُصْطَفَيْنَ ................

قوله: «المُصْطَفَيْن»، بضمِّ الميم وفتح الفاء، أصله «المصتفين» بالتَّاء من الصفوة؛ وهي خُلاصة الشَّيء. والمصطفَوْنَ من الرُّسل: أولو العزم من الرُّسل. وهم مَذْكُورون في القرآن الكريم في موضعين: في سورة الأحزاب: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ [الآية: ٧]، وفي الشُّورى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى الآية: ١٣].

فهؤلاء الخمسة هم أولو العزم، ومحمَّدٌ ﷺ أفضلهم. ويدلُّ على ذلك أنَّه خاتمهم (١)، وإمامُهم ليلة المعراج (٢)؛ ولا يُقَدَّم إلا الأفضل، وصاحبُ الشَّفاعةِ العُظمى (٣)، وهناك أشياء


(١) وروى البخاري، كتاب المناقب: باب خاتم النبيين، رقم (٣٥٣٥)، ومسلم، كتاب الفضائل: باب ذكر كونه خاتم النبيين، رقم (٢٢٨٦) بلفظ: «وأنا خاتم النبيين».
(٢) رواه أحمد (١/ ٢٥٧) من حديث ابن عباس. قال ابن كثير: «إِسناده صحيح ولم يخرِّجوه». التفسير (٥/ ٢٦) (الإِسراء: ١). وله شاهد من حديث أنس بن مالك رواه
النسائي، كتاب الصلاة: باب فرض الصلاة، (١/ ٢٢١) رقم (٤٤٩).
(٣) حديث الشفاعة العُظمى رواه البخاري، كتاب الرقاق: باب صفة الجنة والنار، رقم (٦٥٦٥)، وفي كتاب التفسير: باب ﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ﴾، رقم (٤٧١٢)،
ومسلم كتاب الإِيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة رقم (١٩٣، ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>