للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«العجماء جُبار» (١).

فينبغي أن نجعل مناط الحكم في هذا ـ أي فيما يتعلق بالبهائم من الجنايات ـ هو التعدي أو التفريط، فإذا كان متعدياً أو مفرطاً فعليه الضمان وإلا فلا.

والتعدي مثل أن يمر بها إلى جنب شجر ـ مثلاً ـ أو إلى جنب أطعمة يعرف أنها سوف تنهش من هذه الثمرة أو من هذه الأطعمة.

والتفريط مثل أن يُمْكِنَه كَبْحُ لجامِها ولكنه لا يفعل.

وَبَاقِي جِنَايَتِهَا هَدَرٌ كَقَتْلِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ وَكَسْرِ مِزْمَارٍ وَصَلِيبٍ وَآنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَآنِيَةِ خَمْرٍ غَيْرِ مُحْتَرَمَةٍ.

قوله: «وباقي جنايتها هدر» أي: باقي جناية البهيمة هدر، والدليل قول النبي : «العجماء جُبار»، والتعليل أنه لا يمكن إحالة الضمان عليها؛ لأنها بهيمة، ولا على صاحبها؛ لأنه لم يحصل منه تعدٍّ ولا تفريط، فكل جنايتها هدر ما عدا ما استثني، وما استثني ـ كما تبين ـ مبني على التعدي أو التفريط، فإن لم يكن تعدٍّ ولا تفريط فلا ضمان على صاحبها، وهذه القاعدة تطمئن إليها النفس وتركن إليها، وهي قاعدة منضبطة تماماً، ومأخوذة من السنة.

مسألة: نحن الآن ليس عندنا بهائم فيما يتعلق بالراكب والقائد والسائق، ولكن عندنا سيارات، فالسيارات الحكم فيها مبني على القاعدة، إن كان هناك تعدٍّ أو تفريط من السائق فعليه الضمان، وإن لم يكن تعدٍّ ولا تفريط فلا ضمان عليه.


(١) سبق تخريجه ص (٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>