قوله:«الشهادات» جمع شهادة، وأصلها من شهد يشهد الشيء إذا حضره، ونظر إليه بعينه، قال الله تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [الزخرف: ٨٦]، فلا بد من علم.
واصطلاحاً: إخبار الإنسان بما على غيره لغيره بلفظ أشهد ونحوها، فيرون أنه لا بد من إخبار بلفظ أشهد، وقد يكون الإخبار بما علمه مطلقاً، كشاهد الهلال ـ مثلاً ـ بلفظ أشهد.
وقيل: إن الشهادة إخبار الإنسان بما يعلمه مطلقاً، سواء بلفظ أشهد أو بدونه؛ ولهذا لما قيل للإمام أحمد ﵀: إن علي بن المديني ـ فيما أظن ـ يقول: أقول: إن العشرة بالجنة ولا أشهد، قال: إذا قال ذلك فقد شهد، فالصحيح أن الشهادة أن يخبر الإنسان بما يعلمه، سواء بلفظ أشهد أو بغيره.
والشهادة أمرها عظيم وخطرها جسيم؛ ولهذا لما قال النبي ﵊:«ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» فذكر الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس، فقال:«ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور»، وكررها حتى قالوا: ليته سكت (١)، وهي خطيرة في التحمل وفي الأداء، أما التحمل
(١) أخرجه البخاري في الشهادات/ باب ما قيل في شهادة الزور … (٢٦٥٤)، ومسلم في الإيمان/ باب بيان الكبائر وأكبرها (٨٧) عن أبي بكرة ﵁.