أحدهما سابقاً، إذاً يجب فسخهما، ويترتب على ذلك أنه يجب نصف المهر لإحداهما، ولو قلنا: باطلاً، ما وجب لإحداهما شيء؛ لأنه عقد باطل ما يوجب المهر، ولا حصل الدخول، حتى نقول: يستقر المهر بالدخول فهذا هو الفرق، والذي يتولى فسخهما القاضي، يقول: أقرر فسخ النكاح، فيفسخه ويجب لإحداهما نصف المهر؛ لأنها مطلقة قبل الدخول، ومن الذي يجب لها نصف المهر؟ نقول: نقرع بينهما؛ لأنها تدخل في الأموال، فأيتهما وقعت عليها القرعة يكون لها نصف المهر، ولا عدة على الجميع؛ لأنه لم يحصل دخول.
لكن إذا تبين الحال بعد ذلك، فإن تبين أنهما وقعا معاً فلا مهر عليه ويرد، وإن تبين أن أحدهما هو السابق، فهذا محل نظر عندي، قد نقول: إن القرعة كحكم الحاكم، وقد نقول: إن القرعة لتمييز المشتبه، وقد زال الاشتباه فيرد المهر لمن تبين أن نكاحها هو الأول.
قوله:«وتَحْرَمُ المُعْتَدَّةُ» المعتدة من الغير حرام على غير الزوج، وسبق لنا بيان ذلك مفصلاً في أول كتاب النكاح.
فالمعتدة من الغير لا يجوز لأحد أن يتزوجها، حتى ولو كانت بائنة بينونة كبرى؛ لأنه قد تعلق بها حق الزوج الأول، وقد سبق أنه لا يجوز ولا خطبتها على وجه صريح، إنما يجوز التعريض.
لكن لو تزوج معتدة من غيره، قلنا: إن العقد باطل ولا شك؛ لأن الله قال: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ