قوله:«يلزم الإحداد» الإحداد مصدر أَحَدَّ يُحِدُّ، وأما مصدر حَدَّ يَحُدُّ فهو حَدٌّ، والحد في اللغة: المنع، ومنه حدود البيت، وحدود الدار، وما أشبه ذلك، أما الإحداد في الشرع: فهو أن تمتنع المرأة عن كل ما يدعو إلى جماعها، ويرغب في النظر إليها، كثياب الزينة والحلي والتجمل بالكحل، وتحسين الوجه بالمكياج أو غيره.
والإحداد منه واجب، ومنه جائز، ومنه ممنوع، فالواجب على المتوفى عنها، والجائز على من مات له صديق أو قريب لمدة ثلاثة أيام، والممنوع ما زاد على ذلك؛ كأربعة أيام أو خمسة أو أكثر.
وقوله:«يلزم» معناه أنه واجب، والدليل استنبطه بعض أهل العلم من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٤]، فإن قوله: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ دليل على أن الإحداد ينافي هذه الرخصة، وأنه لا بد أن يكون هذا التربص تربصاً عن أشياء جائزة، ولولا ذلك لما كان فائدة في قوله: ﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.
وكذلك من قول الرسول ﵊ حينما شكوا إليه امرأة توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها، قالوا: أفنكحلها؟ قال:«لا»، فأعادوا عليه، قال:«لا»، ثم قال: «قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول، وإنما هي أربعة