ولهذا يُذكَرُ عن بعض السَّلفِ قال:«مَنْ لم تَنْهَه صلاتُه عن الفحشاء والمنكر لم تزده مِن الله إلا بُعداً»، لأنه لو صَلَّى الصَّلاةَ الكاملة للزم أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر، لأن الله يقول: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: ٤٥] فهذا خَبَرٌ مِن الله مؤكَّد بـ «إِنَّ».
فإذا صَلَّيت صلاةً لا تَجِدُ قلبَك منتهياً عن الفحشاء والمنكر، فاعْلَمْ أنك لم تُصلِّ إلا صلاة تبرأ بها الذِّمَّة فقط، وكم تشاهدون الإِنسان يدخل في صلاته ويخرج منها كما هو لا يَجِدُ أثراً؟ وإذا مَنَّ اللهُ عليه يوماً من الأيام، وصار قلبُه حاضراً واطمأنَّ وتمهَّل وتدبَّر ما يقول ويفعل؛ خَرَجَ على خلاف ما دَخَلَ، ووَجَدَ أثراً وطعماً يتطعَّمه، ولو بعد حين، يتذكَّر تلك الصَّلاة التي كان فيها حاضر القلب مطمئناً.
الحاصل: أنَّ الطُّمأنينة لا بُدَّ منها، فهي والخشوع روح الصَّلاةِ في الحقيقة.
وَالتَّشَهُّدُ الأخِيرُ، ............
قوله:«والتشهد الأخير» هذا هو الرُّكنُ العاشر من أركان الصلاة.
ودليل ذلك: حديث عبد الله بن مسعود ﵁ قال: «كُنَّا نقول قبل أن يُفْرَضَ علينا التشهُّدُ: السَّلامُ على الله مِن عباده، السَّلامُ على جبرائيل وميكائيل، السَّلامُ على فلان وفلان»(١). والشاهدُ مِن هذا الحديث قوله:«قبل أن يُفْرَضَ علينا التشهُّدُ».