للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال قائل: يَرِدُ علينا التشهُّد الأول: فإنه مِن التشهُّد، ومع ذلك تَرَكَه النبيُّ وجَبَرَه بسجود السهو، وهذا حكم الواجبات، أفلا يكون التشهُّدُ الأخير مثله؟

فالجواب: لا، لأنَّ الأصلَ أن التشهُّدين كلاهما فَرْضٌ، وخَرَجَ التشهُّدُ الأول بالسُّنَّة، حيث إن الرسول جَبَرَه لمَّا تَرَكَه بسجود السَّهو، فيبقى التشهُّد الأَخير على فرضيته رُكناً.

وَجِلْسَتُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ فِيْهِ، وَالتَّرْتِيبُ، وَالتَّسْلِيمُ.

قوله: «وجِلسته» هذا هو الرُّكن الحادي عشر مِن أركان الصَّلاةِ أي: أن جلسة التشهُّدِ الأخير رُكن، فلو فُرِضَ أنه قام من السُّجود قائماً وقرأ التشهُّد فإنَّه لا يجزئه، لأنه تَرَكَ رُكناً وهو الجِلسة، فلا بُدَّ أن يجلس، وأن يكون التشهُّد أيضاً في الجِلسة لقوله: «وجِلسته» فأضاف الجِلسة إلى التشهُّدِ؛ ليفهم منه أنَّ التشهُّدَ: لا بُدَّ أن يكون في نفس الجِلسة.

قوله: «والصلاة على النبيِّ فيه» أي: في التشهُّدِ الأخير، وهذا هو الرُّكن الثاني عشر مِن أركان الصلاة.

ودليل ذلك: أنَّ الصَّحابة سألوا النبيَّ : «يا رسولَ الله؛ عُلِّمْنَا كيف نُسلِّم عليك، فكيف نُصلِّي عليك؟ قال: قولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ على محمَّدٍ وعلى آل محمَّدٍ» (١)، والأمر يقتضي الوجوب، والأصلُ في الوجوب أنَّه فَرْضٌ إذا تُرِكَ بطلت العبادة، هكذا قرَّرَ الفقهاءُ دليل هذه المسألة (٢).


(١) أخرجه البخاري، كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبي (٦٣٥٧)؛ ومسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي بعد التشهد (٤٠٦) (٦٦).
(٢) «المجموع» (٣/ ٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>