للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن إذا تأملت هذا الحديث لم يتبيَّن لك منه أنَّ الصَّلاة على النبيِّ رُكنٌ، لأنَّ الصحابة إنَّما طلبوا معرفة الكيفية؛ كيف نُصلِّي؟ فأرشدهم النبيُّ إليها، ولهذا نقول: إن الأمر في قوله: «قولوا» ليس للوجوب، ولكن للإِرشاد والتعليم، فإنْ وُجِدَ دليل غير هذا يأمر بالصلاة على النبيِّ في الصَّلاة فعليه الاعتماد، وإنْ لم يوجد إلا هذا فإنه لا يدلُّ على الوجوب، فضلاً عن أن يَدلَّ على أنها رُكن؛ ولهذا اختلفَ العلماء في هذه المسألة على أقوال (١):

القول الأول: أنها رُكنٌ، وهو المشهور مِن المذهب، فلا تصحُّ الصلاة بدونها.

القول الثاني: أنها واجب، وليست برُكن، فتُجبر بسجود السَّهو عند النسيان.

قالوا: لأن قوله: «قولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ على محمَّدِ» محتمل للإِيجاب وللإِرشاد، ولا يمكن أن نجعله رُكناً لا تصحُّ الصلاة إلا به مع هذا الاحتمال.

القول الثالث: أنَّ الصَّلاةَ على النبيِّ سُنَّة، وليست بواجب ولا رُكن، وهو رواية عن الإمام أحمد، وأن الإِنسان لو تعمَّد تَرْكها فصلاتُه صحيحة، لأن الأدلَّة التي استدلَّ بها الموجبون، أو الذين جعلوها رُكناً ليست ظاهرة على ما ذهبوا إليه، والأصل براءة الذِّمة.


(١) «المجموع» (٣/ ٤٥٠)، «المغني» (٢/ ٢٢٨ ـ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>