للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن صلاة الجماعة واجبة، والتأخير مستحبٌّ، ولا مقارنة بين مستحبٍّ وواجب. وظاهر كلامه أن تأخيرها إلى ما بعد نصف الليل جائز؛ لأنه لم يُفصح أنه وقت ضرورة، وقد صرَّح غيره بأنه وقت ضرورة (١) لا يجوز تأخير الصَّلاة إليه إلا لضرورة، وقد سبق أن الصحيح أن وقتها ينتهي بنصف الليل (٢).

وَيَليهِ وَقْتُ الفَجْرِ إِلى طُلُوعِ الشَّمسِ.

قوله: «ويليه وقتُ الفَجْرِ إلى طُلُوعِ الشَّمسِ»، لم يُبيِّن المؤلِّفُ ابتداء وقت الفجر؛ لأنه يرى أن وقت العشاء يمتدُّ إلى طلوع الفجر، ولهذا قال: «ويليه وقتُ الفَجْرِ» فيكون من طلوع الفجر الثَّاني إلى طلوع الشَّمس.

ومقداره بالسَّاعة يختلف، قد يكون ساعة ونصفاً، وقد يكون ساعة وربعاً كالمغرب. يقول شيخ الإسلام : «من ظَنَّ أن حِصَّة الفجر كحِصَّة المغرب فقد أخطأ وغلط» (٣)، أي: أن بعض النَّاس يجعل ساعة ونصفاً بين طُلوع الفجر وطُلوع الشَّمس، وساعة ونصفاً بين مغيب الشمس ومغيب الشفق شتاءً وصيفاً، يقول شيخ الإسلام: هذا خطأ، وليس بصحيح؛ لأن مقدار ما بين طُلوع الفجر وطُلوع الشَّمس في أيام الشتاء يطول لتصاعد الأبخرة إلى فوق؛ فينعكس عليه ضوءُ الشَّمس مبكِّراً؛ فتطول حِصَّةُ الفجر، وعكس ذلك في الصيف، وإذا طالت حِصَّة الفجر قَصُرَت حِصَّةُ المغرب، والعكس بالعكس. وعلى كُلٍّ؛ هذه ظواهر أُفقيَّة


(١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ١٦٠)، «الإقناع» (١/ ١٢٨).
(٢) انظر: ص (١١٥).
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٩٣، ٩٤)، «الاختيارات» ص (٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>