وانتبه لكلمة «بطن عرنة» دون الحافتين اللتين لا يأتيهما السيل إلا إذا كان قوياً، فالبطن هو الممنوع، والحكمة من ذلك، هل لأنه خارج عرفة، أو لأن السنة ألا ينزل الإنسان في الأودية؟ فيه احتمال أنه من عرفة، لكن النبي ﷺ قال:«ارفعوا عنه»؛ لأنه وادٍ ولا ينبغي للمسافر أن ينزل في الأودية، ويؤيد هذا أنه لولا أنه منها لم يقل:«ارفعوا عن بطن عرنة»، ولكان قد عرف أن بطن عرنة خارج عرفة، وينبني على هذا لو أن إنساناً وقف في بطن عرنة ولم يدخل عرفة وخرج كمَّل حجه.
فإن قلنا: إن الوادي منها ولكن أمرنا بأن نرتفع عنه؛ لأنه وادٍ فحجه صحيح، وإن قلنا إنه ليس منها فحجه غير صحيح، وهذا يحتاج إلى تحرير بالغ؛ لأنه مهم ينبني عليه أن الإنسان أدى فريضته، أو لم يؤد فريضته، فتحريره مهم جداً.
وظاهر كلام المؤلف أن بطن عرنة، وهو بطن الوادي من عرفة، ووجه ذلك استثناؤه منها؛ لأنه لو لم يكن من عرفة ما احتاج إلى استثنائه، وعليه فنقول: بطن عرنة من عرفة، ولكن مع ذلك لا يجوز الوقوف فيه، ولهذا قال:«وكلها موقف إلا بطن عرنة».
ولو وقف في الوادي ودفع منه، فحجه غير صحيح؛ لأن هذا ليس من عرفة شرعاً، وإن كان منها مكاناً.