للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمل الناس الآن يشبه هذا في الواقع، فهناك مثلاً فروع لوزارة العدل في كل منطقة، يرجع إليها، وهناك محاكم وكل محكمة لها رئيس، وهناك محكمة كبرى ومحكمة مستعجلة صغرى.

وَيُختَارَ أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُهُ عِلْماً، وَوَرَعاً، وَيَأْمُرُهُ بِتَقْوَى اللهِ، وَأَنْ يَتَحَرَّى الْعَدْلَ، وَيَجْتَهِدَ فِي إقَامَتِهِ فَيَقُولُ: وَلَّيْتُكَ الْحُكْمَ، أَوْ قَلَّدْتُكَ وَنَحْوَهُ، وَيُكَاتِبُهُ فِي الْبُعْدِ، .....

قوله: «ويختار» بالنصب، يعني ويلزمه أن يختار.

قوله: «أفضل من يجده علماً» أي: بالأحكام الشرعية، بل نقول: بالأحكام الشرعية وبأحوال الناس، بل ولنا أن نزيد الذكاء والفراسة؛ لأن الذكاء والفراسة مهمان في مسألة القضاء؛ لأن الناس فيهم المحق وفيهم المبطل، وفيهم من يعجز عن التعبير، وفيهم من هو فصيح بليغ، فيضيع الحق إذا لم يكن عند القاضي علمٌ بأحوال الناس، وفراسةٌ وذكاء، ولا يخفى ما في قصة سليمان وداود في المرأتين اللتين خرجتا إلى البر ومعهما ابنان لهما، فأكل الذئب ابن الكبيرة، فجاءتا إلى داود تحتكمان إليه، فحكم بالابن للكبيرة، لعله ظن أنها أقرب إلى الصدق، أو قال: هذه صغيرة يمكن أن تلد فيما بعد، وهذه كبيرة قد تتوقف عن الولادة وهي أحق بالشفقة، ثم خرجتا من عنده وصادفهما سليمان وسألهما فقالتا: كذا وكذا، فقال: لا، الحكم أن آتي بالسكين فأشقه نصفين فتأخذ الكبيرة نصفه، والصغيرة نصفه، فقالت الكبيرة: لا مانع، وأما الصغيرة فقالت له: يا رسول الله لا تشقه هو لها، فالفراسة تقضي أنه للصغيرة، والدليل الحنان والشفقة فحكم به

<<  <  ج: ص:  >  >>