مسؤوليات الإمام العظيمة ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى بقوله:
«أن ينصب في كل إقليم قاضياً» فيلزم الإمام أن ينصب في كل إقليم قاضياً، والأقاليم في الدنيا كلها سبعة، فيجب عليه أن ينصب في الدنيا كلها سبعة قضاة، في كل إقليم قاضٍ، والناس الآن يريدون في كل حي قاضياً! ولكن هؤلاء القضاة يجب أن يجعلوا لهم نواباً بمقدار الحاجة.
والعلماء ذهبوا هذا المذهب؛ لئلا تكون المسألة مركزية، ترجع إلى أصل واحد؛ لأن رجوعها إلى أصل واحد لا سيما في ذلك الزمن متعب وشاق، قالوا: فنجعل في كل إقليم قاضياً، هذا القاضي يجعل له نواباً في كل مدينة، أو في كل قرية، حسب الحاجة، فمثلاً إذا قدرنا أن الإقليم واسع، قد يحتاج إلى عشرة نواب، أو عشرين نائباً يرجعون إلى القاضي الإقليمي، والقاضي الإقليمي إن جرى مشكل يرفعه إلى الإمام؛ لأنه المسؤول، فحينئذ يزول الإشكال؛ لأننا لو قلنا: إنه لا يجب أن ينصب في كل إقليم إلا قاضياً ضاعت المصالح، لا سيما في الزمن الأول، فإذا كان بين اثنين خصومة، وكان بينهما وبين القاضي الإقليمي مسيرة شهر، لاحتاجوا إلى شهرين، وربما إذا وصلوا إليه وجدوه مشغولاً بقضايا قبلهما، انتظرا، ثم إذا كان الشهود فيهم نظر، وطلب تعديلهم، يرجعان شهراً يبحثان عمن يزكيهم في بلادهم؛ لأنهم في البلاد الأخرى لا يُعرفون، وهكذا، لكنهم قالوا: إنه يجب على هؤلاء القضاة الإقليميين أن يجعلوا لهم نواباً في كل قرية.