للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يجلسَ فنقول: قُمْ معتمداً على عصاً، أو جدار، أو عمودٍ، أو إنسانٍ، ولهذا قال المؤلف: «قائماً» وأطلق.

فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، ...........

قوله: «فإن لم يستطع»، أي: إن لم يكن في طوعِهِ القيامُ، وذلك بأن يعجزَ عنه فإنَّه يصلِّي قاعداً، لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦] وقوله: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] وقولُ النَّبيِّ لعمران بن حصين: «صَلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً» (١)، فالدَّليلان الأولان عامَّان، والثالث خاصٌّ في نفس الصَّلاةِ.

وقوله: «فإن لم يستطع» ظاهره: أنه لا يُبيحُ القعودَ إلا العجزُ، وأما المشقَّةُ فلا تُبيح القعودَ.

ولكن؛ الصَّحيحُ: أنَّ المشقَّةَ تُبيحُ القعودَ، فإذا شَقَّ عليه القيامُ صلَّى قاعداً؛ لقوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] وكما لو شَقَّ الصَّومُ على المريضِ مع قدرتِه عليه فإنه يُفطِرُ، فكذلك هنا إذا شَقَّ القيامُ فإنه يصلِّي قاعداً، ولكن ما ضابطُ المشقَّة؟؛ لأن بعضَ النَّاسِ أحياناً يكون في تَعَبٍ وسَهَرٍ، فيشقُّ عليه القيامُ.

الجواب: الضَّابطُ للمشقَّةِ: ما زالَ به الخشوع؛ والخشوعُ هو: حضورُ القلبِ والطُّمأنينةُ، فإذا كان إذا قامَ قَلِقَ قلقاً عظيماً ولم يطمئنَّ، وتجده يتمنَّى أن يصلِ إلى آخر الفاتحةِ ليركعَ مِن شدَّةِ تحمُّلهِ، فهذا قد شَقَّ عليه القيامُ فيصلي قاعداً.


(١) تقدم تخريجه ص (٣/ ٢٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>