للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل ذلك الخائفُ فإنَّه لا يستطيعُ أن يصلِّي قائماً، كما لو كان يصلِّي خلفَ جدارٍ وحولَه عدوٌّ يرقبه، فإنْ قامَ تبيَّن مِن وراءِ الجدارِ، وإن جلسَ اختفى بالجدارِ عن عدوِّه، فهنا نقول له: صَلِّ جالساً.

ويدلُّ لهذا قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً﴾ [البقرة: ٢٣٩] فأسقطَ اللهُ عن الخائفِ الرُّكوعَ والسُّجودَ والقعودَ، فكذلك القيامُ إذا كان خائفاً.

وقوله: «فقاعداً» أي: جالساً، ولكن؛ كيف يجلسُ؟

يجلس متربِّعاً على أليتيه، يكفُّ ساقيه إلى فخذيه ويُسمَّى هذا الجلوسُ تربُّعاً؛ لأنَّ السَّاقَ والفخذَ في اليمنى، والسَّاقَ والفخذ في اليُسرى كلَّها ظاهرة، لأن الافتراش تختفي فيه الساق في الفخذ، وأما التربُّع فتظهرُ كلُّ الأعضاءِ الأربعةِ.

وهل التربع واجب؟

لا، التربُّع سُنَّةٌ، فلو صَلَّى مفترشاً، فلا بأسَ، ولو صَلَّى محتبياً فلا بأس؛ لعموم قول النَّبيِّ : «فإنْ لم تستطعْ فقاعداً» ولم يبينْ كيفيَّة قعودِه.

فإذا قال إنسانٌ: هل هناك دليلٌ على أنه يصلِّي متربِّعاً؟

فالجواب: نعم؛ قالت عائشة: «رأيت النَّبيَّ يُصلِّي متربِّعاً» (١)، ولأن التربُّعَ في الغالبِ أكثرُ طمأنينةً وارتياحاً مِن


(١) أخرجه النسائي، كتاب قيام الليل، باب كيف صلاة القاعد (١٦٦٢)؛ والحاكم (١/ ٢٥٨) وقال: «حديث صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>