ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا﴾ [المائدة: ٩٣]، فقوله: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ﴾ يدل بمفهومه على أن غيرهم عليهم جناح فيما طعموا، والطعام يشمل الأكل والشرب؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [البقرة: ٢٤٩]، ودليل اللباس قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ٣٢]، فقوله: ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ يفهم منه أنها ليست للذين كفروا، وقوله: ﴿خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يفهم منه أنها لغير المؤمنين ليست خالصة لهم، بل يعاقبون عليها.
والمعنى يقتضي ما دلت عليه النصوص من معاقبة الكافر على الأكل والشرب واللباس والنعمة والصحة، وكل شيء؛ وذلك لأن العقل يقتضي طاعة من أحسن إليك، وأنك إذا بارزته بالمعصية وهو يحسن إليك، فإن هذا خلاف الأدب والمروءة، وبه تستحق العقوبة، فصارت النصوص مؤيدة لما يقتضيه العقل.
مُسْتَوْطِنٍ ..........
قوله:«مستوطن»، هذا هو الشرط الخامس.
وضد المستوطن المسافر والمقيم.
فالمسافر لا جمعة عليه، ودليل ذلك: أن النبي ﷺ في أسفاره لم يكن يصلي الجمعة، مع أن معه الجمع الغفير، وإنما يصلي ظهراً مقصورة.
فإذا قال قائل: ألا يمكن أن يكون جمعه وقصره في غير يوم الجمعة، وأنه يقيم صلاة الجمعة في السفر؟