للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَفْضَلُهُ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ .............

قوله: «وأفضله صوم يوم وفطر يوم» أي: أفضل صوم التطوع صوم يوم، وفطر يوم.

فإذا قال قائل: لماذا لم يفعله الرسول ، والرسول ينشر الأفضل وهو أخشانا لله وأتقانا له؟ قلنا: لأن الرسول يشتغل بعبادات أخرى أجل من الصيام، من الدعوة إلى الله، والأعمال الأخرى الوظيفية التي تستدعي أن يفعلها، ولهذا ثبت عنه فضل الأذان، وأن المؤذنين أطول الناس أعناقاً يوم القيامة (١)، ومع ذلك لم يباشره؛ لأنه مشغول بعبادات أخرى جليلة لا يتمكن من مراقبة الشمس في طلوعها، وزوالها وما أشبه ذلك، وقال في الرجل الذي دخل وصلى وحده: من يتصدق على هذا؟ فقام بعض أصحابه فصلى معه (٢)، فلا يقول قائل: لماذا لم يقم هو لأنها صدقة، وهو أسبق الناس إلى الخير؟ فالجواب لأنه مشتغل بما هو أهم، من تعليم الناس، والتحدث إليهم وتأليفهم وما أشبه ذلك، المهم أنه لا يُظن أن الرسول إذا ندب إلى فعل شيء وبين أنه أفضل ولم يفعله هو، فهو قصور منه ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ، ولكن اشتغاله بما هو أولى وأهم، ولهذا لما سئل عن صوم يوم وإفطار يومين؟ قال: «ليت أنا نقوى على ذلك» (٣)، يعني أنه ما


(١) أخرجه مسلم في الصلاة/ باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه (٣٨٧) عن معاوية بن أبي سفيان .
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٦٤)؛ وأبو داود في الصلاة/ باب في الجمع في المسجد (٥٧٤)؛ والترمذي في الصلاة/ باب ما جاء في الجماعة في مسجد قد صلي فيه مرّة (٢٢٢٠) عن أبي سعيد الخدري وحسنه الترمذي وصححه الألباني في «الإرواء» (٢/ ٣١٦).
(٣) سبق تخريجه من حديث أبي قتادة ص (٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>