وإنَّما علَّلت بالنَّصِّ؛ لأن النَّصَّ غايةُ كلِّ مؤمن؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٦]. فالمؤمن إذا قيل له: هذا حكمُ اللَّهِ ورسولِه، وظيفتُه أن يقول: سمعنا وأطعنا. ومع ذلك يمكن أن نتأمَّلَ لعلنا نحصُلُ على حكمة مِن فِعْلِ الرَّسولِ ﷺ. ونقول: الحكمة في رَفْعِ اليدين تعظيم الله ﷿، فيجتمع في ذلك التعظيم القولي والفعلي والتعبُّد لله بهما، فإن قولك:«اللَّهُ أكبرُ» لا شكَّ أنك لو استحضرت معنى هذا تماماً لغابت عنك الدُّنيا كلُّها؛ لأن الله أكبرُ مِن كلِّ شيء، وأنت الآن واقفٌ بين يدي مَنْ هو أكبر مِن كلِّ شيء.
ثم إن بعض العلماء علَّل بتعليل آخر: أنه إشارة إلى رَفْعِ الحِجاب بينك وبين الله، والإِنسانُ عادة يرفع الأشياء بيديه ويعمل بيديه (١).
وعلَّل بعضُهم بتعليل ثالث: وهو أنَّ ذلك مِن زينة الصَّلاةِ؛ لأنَّ الإِنسان إذا وَقَفَ وكبَّر بدون أن يتحرَّك لم تكن الصَّلاةُ على وَجْهٍ حَسَنٍ كامل، ولا مانع أن تكون كلُّ هذه مقصودة.
حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ..........
قوله:«حذو منكبيه» أي: موازيهما. والمنكبان: هما الكتفان، فيكون منتهى الرَّفْعِ إلى الكتفين، فإذا قُدِّر أن في الإِنسان آفة تمنعه من رَفْعِ اليدين إلى المنكبين فماذا يصنع؟