للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «رافعاً يديه» لم يبيِّن المؤلِّفُ هل هذا عامٌّ للرِّجَال والنِّساءِ، أو خاصٌّ بالرِّجَال؟ ولكنه سيأتي إن شاء الله في آخر صفة الصلاة (١) أن المرأةَ كالرَّجُلِ، إلا أنها تسدل رجليها، وتضمُّ نفسَها، فلا تتجافى عند السُّجودِ، ولا ترفع يديها، فتخالفَ في هذه الأمور الثلاثة، وربما في أكثر كما سننظر إن شاء الله. ولكن الصَّحيحُ أنَّ ذلك عامٌّ في حقِّ الرَّجُل وحقِّ المرأة، وأنَّ المرأةَ ترفع يديها كما يَرفع الرَّجُل، فإذا قال قائل: فما الدَّليلُ على عموم هذا الحُكم للرِّجَال والنساء؟.

قلنا: الدَّليلُ عَدَمَ الدَّليلِ على التخصيص، والأصل: أن ما ثَبَتَ في حقِّ الرِّجَال ثبت في حقِّ النساء، وما ثبت في حقِّ النساءِ ثَبَتَ في حقِّ الرِّجَال إلا بدليل، ولا دليلَ هنا على أن المرأةَ لا ترفعُ يديها، بل النصوص عامَّة، وقول الرسول : «صَلُّوا كما رأيتموني أصلِّي» (٢)؛ الخطاب فيه للرِّجَال والنِّساءِ.

فإنْ قال قائل: ما الحكمة مِن رَفْعِ اليدين؟.

فالجواب على ذلك: أنَّ الحكمةَ في ذلك الاقتداءُ برسول الله ، وهو الذي يَسْلَم به المرءُ مِن أن يتجوَّل عقلُه هنا وهناك، ولهذا لما سُئلت أمُّ المؤمنين عائشة : ما بالُ الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟

قالت: «كان يصيبنا ذلك، فنُؤمر بقضاء الصَّومِ، ولا نُؤمر بقضاءِ الصَّلاةِ» (٣)


(١) انظر: ص (٢١٧).
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والإقامة (٦٣١).
(٣) أخرجه البخاري، كتاب الحيض، باب لا تقضي الحائض الصلاة (٣٢١)؛ ومسلم، كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة (٣٣٥) (٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>