ولهذا يجب ألا نظن أن الشهداء بمرتبة واحدة، وإن كانوا شهداء، فكل بمرتبته قال تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا﴾ [الأحقاف: ١٩].
فالصحيح أن جميع الموتى من المسلمين يغسلون ويكفّنون ويصلّى عليهم إلا شهداء المعركة فقط، فهؤلاء لا يغسلون، ولا يكفّنون، ولا يصلّى عليهم؛ لأن المقصود بالصلاة عليهم الشفاعة لهم، وكفى ببارقة السيوف على رؤوسهم شفاعة، فيشفع لهم هذا البذل الذي بذلوه، فإنهم بذلوا أغلى ما عندهم وهو النفس لإعلاء كلمة الله.
إِلاَّ أَنْ يَكُونَ جُنُباً. .......
قوله:«إلا أن يكون جنباً».
إذا كان المتن:«ولا يغسل شهيد معركة ومقتول ظلماً» فإن مقتضى القاعدة النحوية أن يقال: «إلا أن يكونا جنباً»؛ لأن العطف بالواو يجعلهما شيئين، فيجب أن يكون الضمير عائداً على شيئين بصيغة المثنى، ولكنه في الروض المربع جعل المقتول ظلماً شرحاً، وهذا هو الذي يناسب العبارة «إلا أن يكون جنباً»، أي: إلا أن يكون الشهيد جنباً؛ فإن كان الشهيد جنباً فإنه يغسل، وكذلك لو استشهدت امرأة أو قتلت ظلماً على المذهب، وكانت حائضاً ولم تغتسل من الحيض، فإنها كذلك تغسل، هذا ما ذهب إليه المؤلف.
ولكن ظاهر الأخبار أنه لا فرق بين الجنب وغيره، فإن الرسول ﷺ لم يغسل الذين قتلوا في أحد (١).