ـ تعالى ـ أنهاه، فلا يجوز أن نتعبد لله ـ تعالى ـ بما لم يرتضِ الله ﷾ أن يبقى لنا شرعاً.
الثالث: ما لم يرد شرعنا بخلافه، ولا وفاقه، وهذا محل خلاف بين العلماء، هل هو شرع لنا أم لا؟ فمنهم من قال: إنه ليس بشرع؛ لأن الأصل أن شريعتنا نسخت ما سبقها، فلا يبقى ما سبقها شرعاً، إلا ما أيدته وقررته.
ومنهم من قال: إنه شرع لنا، وهذا القول هو الراجح، بل المتعين؛ لأن الله ﷿ يقول لما ذكر الرسل: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠]، وهذا عام، وقال ﷿: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُِوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى﴾ [يوسف: ١١١]، ولكن هل هو شرع بالتشريع السابق، أو بالتشريع اللاحق؟ الجواب: أنه شرع بالتشريع اللاحق؛ لأننا استدللنا على أنه مقرر بأدلة من كتاب الله، وسنة رسوله ﷺ، وحينئذٍ يكون الفرق بينه وبين القسم الأول، أن الأول نصت الشريعة عليه بعينه، وهذا ذكرته على سبيل الإجمال.
قوله:«أَوْ سَبَّ اللهَ» أي: وصفه بالعيب، وأعظم السب أن يلعن الله ـ والعياذ بالله ـ أو يعترض على أحكامه الكونية، أو الشرعية بالعيب، ولو على سبيل اللمز والتعريض، حتى لو كان تعريضاً فإنه يكفر؛ لأن هذا امتهان لمقام الربوبية، وهو أمر عظيم، فمن سب الله، سواء بالقول أم بالإشارة، وسواء كان جادّاً أم هازلاً، بل سَبُّ الله هازلاً أعظم وأكبر، فإنه يكون كافراً لقول الله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ