للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال: «ينوي مع التَّحريمة»، أي: يجعل النيَّة مقارنة لتكبيرة الإحرام، فإذا أراد أن يكبِّر كبَّر وهو ينوي في نفس التَّكبير أنها صلاة الظُّهر مثلاً.

وَلَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا بِزَمنٍ يَسيرٍ فِي الوقْتِ فإِنْ قَطَعَهَا في أَثْنَاءِ الصَّلاةِ، أَوْ تَرَدَّدَ بَطَلَتْ ............

قوله: «وَلَهُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهَا بِزَمنٍ يَسيرٍ في الوقْتِ»، أي: له أن يقدِّم النيَّة قبل التَّحريمة لكن بزمنٍ يسير، وشرط آخر «في الوقت»، فلو نوى الصَّلاة قبل دخول وقتها، ولو بزمنٍ يسير، ثم دخل الوقت وصَلَّى بلا تجديد نيَّة، فصلاتُه غيرُ صحيحة؛ لأن النيَّة سبقت الوقت، وإن نوى في الوقت ثم تشاغل بشيء في زمن يسير، ثم كبَّر، فصلاتُه صحيحة؛ لأنَّ الزَّمن يسير، فإن طال الوقت فظاهر كلام المؤلِّف أنَّ النيَّة لا تصحُّ؛ لوجود الفصل بينها وبين المنوي.

وقال بعض العلماء: بل تصحُّ ما لم ينوِ فَسْخَها (١)؛ لأن نيَّتَه مستصحبَةُ الحكم ما لم ينوِ الفسخ، فهذا الرَّجُل لما أذَّن قام فتوضَّأ ليُصَلِّيَ، ثم عزبت النيَّة عن خاطره، ثم لمَّا أُقيمت الصلاة دخل في الصَّلاة بدون نيَّة جديدة، فعلى كلام المؤلِّف لا تصحُّ الصَّلاة؛ لأنَّ النيَّة سبقت الفعل بزمن كثير، وعلى القول الثاني تصحُّ الصَّلاة؛ لأنه لم يفسخ النيَّة الأولى، فحكمها مستصحب إلى الفعل. وهذا القول أصحُّ؛ لعموم قول النبيِّ : «إنما الأعمال بالنيَّات» (٢)، وهذا قد نوى أن يُصلِّي، ولم يطرأ على نيَّته ما يفسخها.


(١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٣٦٥).
(٢) متفق عليه، وقد تقدم تخريجه (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>