فليس بأُمِّيٍّ، فإذ قال:(الحمد لله ربَ العالمين) بفتح الباء، فاللَّحنُ هذا لا يُحيلُ المعنى، وعلى هذا؛ فليس بأُمِّيٍّ فيجوز أن يكون إماماً بمَن هو قارئٌ، وإذا قال:(أَهدنا الصراط المستقيم) بفتح الهمزة فهذا يُحيل المعنى؛ لأن «أهدنا» مِن الإِهداء، أي: إعطاء الهديَّة: ﴿اهْدِنَا﴾ [الفاتحة] بهمزة الوصل مِن الهدايةِ، وهي الدّلالة والتوفيق، ولو قال:«إياكِ نعبد» بكسر الكاف فهذه إحالةٌ شديدةٌ فهو أُمِّيٌّ، ولو قال:«صراط الذين أنعمتُ عليهم» بضم التاء فهذا يُحيلُ المعنى أيضاً.
ولو قال:«إياكَ نعبَد» بفتح الباء فهذا لا يُحيلُ المعنى. وكذا:«إياك نستعينَ» بفتح النون الثانية فهذا لا يُحيلُ المعنى، وليس معنى ذلك جوازُ قِراءةِ الفاتحةِ ملحونةً؛ فإنَّه لا يجوز أنْ يَلْحَنَ ولو كان لا يُحيلُ المعنى، لكن المرادُ صِحَّةُ الإِمامةِ.
قوله:«إلا بمثله» أي: إذا صَلَّى أُمِّيٌّ لا يَعرفُ الفاتحةَ بأُمِّيٍّ مثله فصلاتُه صحيحةٌ لمساواتِه له في النَّقْصِ، ولو صَلَّى أُمِّيٌّ بقارئ فإنَّه لا يَصحُّ، وهذا هو المذهبُ.
وتعليل ذلك: أنَّ المأمومَ أعلى حالاً مِن الإِمامِ، فكيف يأتمُّ الأعلى بالأدنى.
والقول الثاني: وهو رواية عن أحمد: أنه يَصحُّ أن يكون الأُمِّيُّ إماماً للقارئ، لكن ينبغي أنْ نتجنَّبَها؛ لأنَّ فيها شيئاً مِن المخالفةِ لقول الرسولِ ﷺ:«يَؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ»(١) ومراعاةً للخِلافِ.