للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو بكرٍ بصلاةِ النَّبيِّ ، ويصلّي الناسُ بصلاةِ أبي بكرٍ. ولم يأمرهم النَّبيُّ بالجلوس» (١).

وهذا الدليلُ هو الذي أجابَ به الإِمامُ أحمدُ جامعاً بينه وبين حديث: «إذا صلّى قاعداً فصلُّوا قعوداً» (٢). وعلى هذا؛ فيكون عمومُ قوله: «إذا صلَّى قاعداً فصلُّوا قعوداً» مخصوصاً بهذه الحالِ: إذا ابتدأ بهم قائماً أتمُّوا قياماً.

وَتَصِحُّ خَلْفَ مَنْ بِهِ سَلَسُ البَوْلِ بِمِثْلِهِ.

وقوله: «وتصح خلف من به سلس البول بمثله» سَلَسُ البولِ، أي: استمرارُه وعدمُ انقطاعِه، ولا يستطيعُ منعَه، وذلك أن الإِنسانَ قد يُبتلى بدوامِ الحَدَثِ مِن بولٍ أو غائطٍ أو ريحٍ، وهذا لا شَكَّ أنه مَرَضٌ؛ لا يَعرفُ قَدْرَ نِعمةِ اللهِ على الإِنسانِ بالسلامةِ منه إلا مَن أُصيبَ به. وكيف يتوضَّأ ويصلّي مَن ابتُليَ بهذا المرضِ؟

الجواب: أنَّ الله قال في كتابه: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨] فَكُلُّ الدِّينِ ـ ولله الحمد ـ يُسْرٌ، وكيفيَّةُ وُضوءِ وصلاةِ هذا: أن نقول له: إذا دَخَلَ الوقتُ فاغسِلْ فَرْجَكَ، وتحفَّظْ، أي: اجعلْ على فرجِكَ حفَّاظةً تمنع مِن تسرُّبِ البولِ وانتشارِه في جسدِكَ وفي ثيابِك، ثم توضَّأ وُضُوءَكَ للصَّلاةِ، ثم صَلِّ ما شئتَ فروضاً ونوافل وإنْ خرجَ الوقت، لأنَّه ليس هناك دليلٌ على أنَّ خروجَ الوقتِ يُبطِلُ الوضوءَ فيمَن حَدَثُه دائمٌ، لكن إذا دخَلَ وقتُ صلاةٍ مؤقَّتةٍ فإننا نقول: توضَّأ؛ لقولِ النَّبيِّ للمستحاضة: «توضَّئي لكلِّ صلاة» (٣).


(١) تقدم تخريجه ص (٢٣١).
(٢) تقدم تخريجه ص (٢٣٠).
(٣) انظر: (١/ ٥٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>