للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأذان الثاني يوم الجمعة: أعطيتك هذا القلم تبرعاً فإنه يجوز، ولو قلت: أعطيتك هذا القلم بشرط أن تعطيني خمسة ريالات فلا يجوز؛ لأنه بيع.

وَلَا يَصِحُّ مَجْهُولاً، إِلاَّ مَا تَعَذَّرَ عِلْمُهُ وَتَنْعَقِدُ بالإِيجَابِ وَالقَبُولِ وَالمُعَاطَاةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا وَتَلْزَمُ بِالقَبْضِ بِإِذْنِ وَاهِبٍ، إِلاَّ مَا كَانَ فِي يَدِ مُتَّهِبٍ، ......

قوله: «ولا يصح مجهولاً» يعني لا يصح أن يهب شيئاً مجهولاً، وليس المراد لا يصح مجهولاً فيما شرط فيه العوض، وعلى هذا فلو أن شخصاً له جَمَلٌ شارد، وقال لآخر: وهبتك جملي الشارد، فإنه لا يجوز؛ لأنه مجهول وغير مقدور عليه فلا يصح، أو قال: وهبتك ما في هذا الكيس من الدراهم، فإنه لا يصح؛ لأنه مجهول، وهذا الذي ذهب إليه المؤلف ﵀ هو المذهب.

والقول الثاني وهو الصواب: أنه يصح أن يهب المجهول؛ وذلك لأن الهبة عقد تبرع، والإنسان فيها إما غانم وإما سالم، فليس هذا من باب الميسر الدائر بين غرم وغنم، بل بين غنم وسلامة، فإذا وهبته شيئاً مجهولاً وقبل فلا ضرر عليه؛ لأنه إما أن يحصل على شيء يريده، أو شيء لا يريده، فإن حصل على شيء يريده فهذا هو المطلوب، وإلا فلا ضرر عليه.

قوله: «إلا ما تعذر علمه» فتصح هبته، مثل أن يختلط ماله بمال شخص على وجه لا يُدرى عن كميته، ولا يتميز بعينه، فيقول: وهبتك مالي الذي اختلط في مالك، فهذا مجهول يتعذر علمه، فعلى المذهب يصح لدعاء الضرورة لذلك.

والصواب: أنه يصح هبة المجهول، سواء تعذر علمه أم لم يتعذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>