إذا أعتقت مؤمنة أبرأت ذمتك بلا خلاف، وإن أعتقت كافرة فقد أبرأت ذمتك على قولٍ من الأقوال، قد يكون هذا الصواب عند الله تعالى، وقد يكون الصواب خلافه، هذا إذا جاء يسألنا في ابتداء الأمر فنقول له: أعتق رقبة مؤمنة فهو أحوط لك، واتَّقِ الشبهات.
وأما رجل قد أعتق ورأى أنه قد أبرأ ذمته إما جهلاً، وإمَّا تقليداً لقول بعض العلماء، فهذا لا نأمره بإعادة العتق؛ لأن أمرنا إياه بإعادة العتق مقتضاه القضاء عليه بالغرم، وهو أمرٌ غير متيقن، فنكون ارتكبنا مفسدة التغريم بدون دليل بيِّن، وحينئذٍ يكون الحكم عليه بإبراء ذمته هو الاحتياط، ولهذا كثير من العلماء في مثل هذه الأمور المشتبهة التي تعارضت فيها الأدلة، أو تكافأت فيها أقوال العلماء إذا لم يكن هناك دليل، يفرقون بين الشيء إذا وقع، وبين الشيء قبل وقوعه، فيقولون: قبل الوقوع نأخذ بالأحوط، وبعد الوقوع نأخذ بالأحوط أيضاً، وهو عدم إفساد العبادة، أو عدم التغريم، أو ما أشبه ذلك.
قوله:«فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام» وهذا كقوله تعالى: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ [المائدة: ٨٩].
ثم قال «فمن لم يجد» هنا المفعول محذوف، وحَذْف المفعول يدل على العموم، وهذا من القواعد.
إذاً فمن لم يجد ما يُطعم به، أو يكسو، أو يعتق، ومن لم يجد من يطعمه، أو يكسوه، أو يعتقه، فكذلك، فمثلاً رجل عنده مال وغني، طلب رقبةً فما وَجد، وطلب مساكين فما وجد، فقيل