وذلك لأن القتل أعظم ذنباً من كفارة اليمين، فكفارة اليمين الحنث فيها مباح، والقتل محرَّم ومغلظ، فلا يقاس هذا على هذا.
فإن قلت: بماذا تجيب عن حديث معاوية بن الحكم ﵁ حين أخبر النبي ﷺ أن له جارية غضب عليها، فصكَّها ـ أي: ضربها ـ وأنه يريد أن يعتقها، فدعاها النبي ﷺ وقال لها:«أين الله؟» قالت: في السماء، قال:«من أنا؟»، قالت: أنت رسول الله، قال:«أعتقها فإنها مؤمنة»(١).
فقوله ﷺ:«أعتقها فإنها مؤمنة»، جملة تعليلية، أي: لإيمانها أعتقها، أفلا يدل هذا على أن غير المؤمن ليس محلاً للعتق؟ فالجواب: بلى، هو يدل على أن الإيمان شرط.
أيضاً لو أعتقنا الكافر فإنه يتحرر، ولا يُؤمَن أن يلحق بدار الكفر، فيكون في ذلك ضرر عليه وعلينا، أما الضرر عليه فلأنه إذا لحق بدار الكفر فيكون أبعد لإسلامه، والضرر الذي علينا فلأنه قد يعين الكفار على المسلمين في يوم من الأيام، لا سيما إذا كان فيه حنق على المسلمين وكان جلداً شجاعاً.
ولهذا نقول: لا تعتق الكافر مطلقاً، إلا إذا أسلم.
وهذا في الحقيقة هو الذي يمنع من أن يرجح الإنسان الإطلاق في كفارة اليمين والظهار.
فإذا أردنا أن نخرج من المتشابه فلا نعتق إلاّ مؤمنة؛ لأنك
(١) أخرجه مسلم في الصلاة/ باب تحريم الكلام في الصلاة … (٥٣٧) عن معاوية بن الحكم ﵁.