المؤلف ﵀ وهو المشهور من المذهب، بدليل أن الإنسان لو اشترى عبداً ليعتقه في كفارة أو غيرها فلا يعتق، أو اشترى بيتاً ليوقفه على الفقراء أو المساكين، أو طلبة العلم، أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يكون البيت وقفاً بمجرد الشراء حتى يفعل ما يختص بهذا الشيء، ولهذا قلنا في الهدي لما كان يشرع تقليده أو إشعاره: إن تقليده أو إشعاره مع النية يعتبر تعييناً.
وقوله:«لا بالنية»، أي لا يتعين بالنية، كما لو أخرج الإنسان دراهم؛ ليتصدق بها فلا تتعين الصدقة إن شاء أمضاها، وإن شاء أبقاها؛ لأنه لم يدفعها للفقراء، فالحاصل أننا إذا سئلنا بماذا تتعين الأضحية؟ قلنا: بالقول، وبماذا يتعين الهدي؟ قلنا: بالقول وبالفعل، وإنما زاد الهدي بالفعل؛ لأن له فعلاً خاصاً وهو التقليد أو الإشعار، أما الأضحية فليس لها فعل خاص، ولهذا لا تكون أضحية إلا بالقول ولو فرض أن الناس جعلوا علامة على الأضحية، بمعنى أن الشاة إذا فعل فيها كذا وكذا فهي أضحية، فهل نقول إنه كالإشعار والتقليد؟
الجواب: نعم، وكانوا فيما سبق إذا اشتروا الضحايا ـ الغنم ـ وضعوا على رأسها الحناء أو على جنبها أو على أليتها، لكنهم لا يجعلون هذا علامة على أنها أضحية، بل علامة على أنها ملك فلان لئلا تختلط بغيرها، فهذه لا تتعين، لكن إذا كان هناك علامة معروفة عند الناس أنه إذا عُلِّمت الشاة أو البعير بهذه العلامة فهي هدي أو أضحية فإنها تتعين بذلك.