للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ المُوصَى بِهِ

تَصِحُّ بِمَا يَعْجَزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ، كَآبِقٍ وَطَيْرٍ فِي هَوَاءٍ، وَبِالمَعْدُومِ، كَبِمَا يَحْمِلُ حَيَوانُهُ وَشَجَرَتُهُ أَبَداً، أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ............

قوله: «تصح بما يعجز عن تسليمه كآبق»، «تصح» أي: الوصية، والآبق هو العبد الذي هرب من سيده، وهروبه من سيده يعني أنه لن يرجع إليه، فإذا أوصى بعبده الآبق لزيد فالوصية صحيحة؛ لأنه لا مضرة عليه، فإن وجده فهو له وإن لم يجده لم يخسر شيئاً، وكونه يخسر لطلبه هذا عائد إليه.

قوله: «وطير في هواء»، أي: وتصح ـ أيضاً ـ الوصية بطير في الهواء، كإنسان له حمام يطير في الهواء، فقال: أوصيت بحمامي الذي يطير لزيد؛ والعلة أنه إما سالم وإما غانم، ومثله الوصية بالجمل الشارد والشاة الضالة.

وبناءً على هذا نقول: يتخرج صحَّة هبة ما لا يقدر على تسليمه؛ لأنه إذا كانت الوصية تصح بما لا يقدر على تسليمه فالهبة ـ أيضاً ـ مثلها؛ لأنها كلها تبرع، وهذا هو الصحيح أنه يجوز هبة ما لا يقدر على تسليمه، كالآبق والطير في الهواء؛ لأنه إن حصل فهو غانم وإن لم يحصل فليس بغارم وإنما هو سالم، أما بيع الآبق والطير في الهواء، فهذا لا يجوز لحديث أبي هريرة : «أن النبي نهى عن بيع الغرر» (١).


(١) أخرجه مسلم في البيوع/ باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر (١٥١٣) عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>