وأما في الشرع فهو أن يفعل بالجاني كما فعل، إن قَتَل قُتِل، وإن قطع طرفاً قُطِع طرفه، وهكذا.
وقد رخص الله لهذه الأمة ثلاث مراتب: القصاص، وأخذ الدية، والعفو، فأيهما أفضل؟ ينظر للمصلحة، إذا كانت المصلحة تقتضي القصاص فالقصاص أفضل، وإذا كانت المصلحة تقتضي أخذ الدية فأخذ الدية أفضل، وإذا كانت المصلحة تقتضي العفو فالعفو أفضل.
وهذا يجب على الإنسان فيه أن يأخذ بالعقل، لا بالعاطفة؛ لأن بعض الناس تأخذهم العاطفة فيعفون، وهذا ليس بصحيح؛ لأننا لسنا أحق بالعفو من الله تعالى، والله قد أوجب القصاص فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى﴾ [البقرة: ١٧٨] وكذلك أوجب حد الزاني، وقطع السارق، وما أشبه ذلك.
وكان اليهود من شريعتهم ـ حسب ما ذكره أهل العلم ـ أنه لا بد من القصاص، وأنه لا سبيل إلى العفو، ولا إلى أخذ الدية، والنصارى شريعتهم عدم القصاص، وجاءت هذه الشريعة وسطاً بين الشريعتين، فجمعت بين الحزم والفضل؛ لأن ترك