للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظر. وما ذكره المؤلِّف هو المذهب (١).

والقول الثاني: لا يجوز أن يُصلِّي قاعداً، بل يجب أن يُصلِّي قائماً مطلقاً ويركع ويسجد (٢)؛ لقوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة: ٢٣٨] فأوجب الله تعالى القيام، والسَّترُ هنا ساقطٌ عنه لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦].

فإذا كان القيام واجباً بالدليل الذي ذكرت، والسَّتر واجباً أيضاً بدليله؛ فإنه يقوم لوجود مقتضى القيام، ويُصلِّي عَارياً لسقوط وجوب السَّتر لكونه عاجزاً.

وقال بعض أهل العلم: في هذا تفصيل؛ فإن كان حولَه أحدٌ صَلَّى قاعداً، وإن لم يكن حوله أحد، أو كان في ظُلْمَة، أو حوله شخص لا يُبْصِرُ، أو شخص لا يستحي من انكشاف عورته عنده كالزوجة فإنه يُصلِّي قائماً ويركع ويسجد؛ لأنه لا عُذْرَ له (٣٥٩).

وهذا القول أقرب الأقوال إلى الحقِّ؛ لأنه يجمع بين حَقِّ الله وحَقِّ النَّفْسِ، فإن حقَّ الله إذا لم يكن حوله أحد يراه أن يُصلِّي قائماً؛ لأنه قادر، وحقُّ النَّفْسِ إذا كان حوله أحد أن يصلِّي قاعداً؛ لأنه يخجل من القيام ويشُقُّ عليه نفسيًّا.

ويكُونُ إِمَامُهُم وَسَطَهُم ..............

قوله: «ويكون إمَامُهُم وَسَطَهُم»، «إمَامُهُم» أي: إمام العُراة «وَسَطَهم»، أي: بينهم، أي: لا يتقدَّم؛ لأنه أستر له، وعلى هذا؛ فإذا كان عشرة كلُّهم عُراة، تعرَّض لهم قُطَّاع الطَّريق، وأخذوا ثيابَهم، وحانَ وقتُ الصَّلاة؛ صَلُّوا جماعة صفًّا واحداً،


(١) انظر: «منتهى الإرادات» (١/ ٦٢).
(٢) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٢٣٧، ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>