للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آتِ محمداً الوَسِيْلَةَ والفَضِيْلَةَ، وابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً الذي وَعَدْتُه.

قوله: «آتِ محمداً الوسيلةَ والفضيلةَ»، آتِ: بمعنى أعطِ، وهي تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، والمفعول الأوَّل «محمداً» و «الوسيلة» المفعول الثَّاني. والوسيلة: بيَّنها الرَّسول ﵊ أنها: «درجة في الجنة، لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله»، قال: «وأرجو أن أكون أنا هو» (١). ولهذا نحن ندعو الله ليتحقَّق لرسول الله ﷺ ما رجَاه ﵊.

وأما الفضيلة: فهي المَنْقبَة العالية التي لا يشاركه فيها أحد.

قوله: «وابْعَثْهُ مَقَامَاً مَحْمُوداً الذي وَعَدْتهُ»، ابعثه يوم القيامة «مقاماً» أي: في مقام محمود الذي وعدته، وهذا المقام المحمود يشمل كلّ مواقف القيامة، وأَخَصُّ ذلك الشفاعة العُظمى، حينما يلحق الناس من الكرب والغَمِّ في ذلك اليوم العظيم ما لا يُطيقون، فيطلبون الشفاعة من آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى عليهم الصَّلاة والسَّلام، فيأتون في النهاية إلى نبيِّنا محمَّد ﵊ فيسألونه أن يشفع إلى الله فيشفع لهم (٢).

وهذا مقام محمود؛ لأن الأنبياء والرُّسل كلهم يعتذرون عن


(١) تقدم تخريجه ص (٨٦).
(٢) حديث الشفاعة العظمى رواه البخاري، كتاب التفسير: باب (ذرية مَنْ حملنا مع نوح)، رقم (٤٧١٢)، ومسلم، كتاب الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم (١٩٤) من حديث أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>